حديث الرصيف
عشرون ربيعاً مرّت في خلدي
و نفس اليد المرتعشة
يدُ أخي
تجثم مقشعرّة
على أنفاسي
على خدَي
على عنقي النحيل
و نفس الصوت الخافتْ
صوت أخي
يغتال كلَ صباحٍ صامتْ
" إستيْقظ أخي" !
" لقد مات أبي" !
عشرون ربيعاً ذبُلتْ في جسدي
و نفس الدموع الغالية
دموع أمّي
تنساب جارية
في خيالي و مُهجتي
تروي ظمئي
لِابتسامة أبي
و نفس العزاء الحزين
عزاء أمّي
يضمد جراح كل مساءٍ ثخينْ
يذكّرني بصوت أبي..
على الأرض كان ممدوداً
و كنتُ و إخوتي حوْلهُ
نذْرفُ دمعاً
نرْمقُ ربًّا
هامتْ روحهُ
مازلت أذْكر
هُنا كان مرقدُهُ
مازلت أذْكر
ذاك الفجرُ
ٱنْطفى نورُهُ
أيُّ فجْرٍ
كان يُضاهي نورهُ !
غِرًّا كنْتُ أعْبثُ و لِحْيتهُ
فِضّيةٌ كلُجيْنٍ ناعِمٍ
أجذبها..
أنْفشها..
لأُثير آنتباهَهُ
مازلتُ أذْكرُ
مُحيّاه
سَناه
رِضاه
و أنا أُقبّل يدهُ
مازلت أذْكرُ
ذاك الصّبي
ذاك القُليْب و حُرْقتهُ
كيف ٱنْفطر
قبْل أنْ يشْتدّ عودهُ
مازلت أذْكر
ذاك الرّبيع
كيْف ٱغْتال الخريف
أزْهـــــارَهُ
و ذاك الرّصيف سلوهُ
كيف كان أبي
يُعلّمني
كيْف يمكنني
وحْدي
في غدي
أنْ أعْبُرَهُ !
توالت الفصول
و مازال الرّصيف رصيفاً
كمْ من طريقٍ طويلٍ
عبرتُ بعْده
نمْ مُستريحاً في قبرك
سأُعلّمُ حفيدك
كيْف يعبرالرصيفَ
مثلما علّمتني
وحْـــــــــدَهُ !